القائمة الرئيسية

الصفحات

غزة.. آخر مخرجات ماكينة الإبادة الجماعية الغربية

 



عبدالعظيم الأنصاري

مازالت ماكينة الإبادة الجماعية الغربية تعمل بكفاءة عالية لدعم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا بكل ما أوتيت من قوة، ليس الأمر مُجرّد ارتباط مصالح، وإنما ارتباط فكري عضوي واضح.

هذا ما تحدث عنه جيرالد سوسمان، أستاذ الدراسات الدولية والحضرية بجامعة ولاية بورتلاند، في مقاله تحت عنوان "نظام اليأس الأمريكي - الإسرائيلي.. عندما تكون وسائل الإعلام بمثابة جهاز الدولة الأيديولوجي للإبادة الجماعية"، إذ ناقش فكرة "فشل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة" أهم حليفين للكيان الصهيوني في وضع حد للمذبحة المستمرة في غزة، ورفض وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية وضع هجوم السابع من أكتوبر في سياقه، لافتًا إلى أن تلك السياسة تثير تساؤلات حول وضع الدولتين كدولتين ديمقراطيتَين من الأساس.

وأشار جيرالد إلى أن الإبادة الجماعية في غزة، تُشبه سياسات "إبادة الهنود الحُمر" في أمريكا الشمالية، وسياسات الاستعمار البريطاني في الهند، حيث عشرات الملايين من الضحايا.

وأكد جيرالد أن الأسس العنصرية للاستعمار الاستيطاني حاضرة في الثقافة السياسية الغربية خاصة اليهودية - المسيحية، منذ عصر الكشوف الجغرافية المزعوم، وحتى الآن، فإن الصهيونية المعاصرة ما هي إلا شكل رجعي من الإمبريالية المتجذرة في الممارسات والرؤى القومية والعسكرية والتوسعية الرأسمالية والعنصرية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في أوروبا الغربية، والولايات المتحدة الأمريكية، ما نراه حاضرًا أمام أعيننا عبر وسائل الإعلام والصحف الغربية في معظمها، وتبقى معارضة ذلك مُجرّد أصوات نشاز خارج الإجماع وخارج سياسات الدول.

إن مفردات الاستعمار الاستيطاني نشأت مع الحضارة الغربية المزعومة، التي دمّرت حضارة سكان البلاد الأصليين، وبيئتهم، إذ عمل المستعمرون فور وصولهم القارة الأمريكية الشمالية على إبادة ثيران البيسون ما أدى إلى قطع مصدر الغذاء وسبل العيش الأساسية عن السكان الأصليين، وتسبب في موتهم جوعًا بأعداد كبيرة.

منذ استقلال الولايات المتحدة عام 1776، شنّت أكثر من 1500 هجوم على القبائل الأصلية، وذبحتهم، واستولت على أراضيهم، وارتكبت جرائم لا حصر لها.

العام 1814، أصدرت الحكومة الأمريكية مرسومًا يقضي بمكافأة ما بين 50 إلى 100 دولار مقابل كل جمجمة للسكان الأصليين يتم تسليمها، واعترف المؤرخ الأمريكي فريدريك تورنر في كتابه أهمية الحدود في التاريخ الأمريكي، الذي صدر عام 1893، بأن كل حدود يتم الفوز بها عبر سلسلة من الحروب ضد الهنود الحمر.

في كل الأحول فلن تسع ملايين الصفحات لجرائم الإنسان الأبيض، في حق البشرية بداية من الحروب الصليبية، ومرورًا بإبادة السكان الأصليين في أمريكا الشمالية وأستراليا، واستعمار كوكب الأرض، وسفك دماء شعوبه قاطبة، وتلويثه وتخريب الحياة في الكثير من بقاعه، وليس انتهاء بجرائم النازية، والفاشية والشيوعية، وأخيرًا الصهيونية، فما جريمة الإبادة في غزة سوى آخر مخرجات ماكينة الإبادة الجماعية الغربية المتواصلة منذ مئات السنين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نُشر في صحيفة الكرامة الخميس 01 أغسطس 2024






author-img
لكل منا طيفه الذي ما إن يبدأ أولى خطواته في الحياة ويمر بتجاربه الخاصة يتحوّل إلى أطياف متعددة نابعة من ذلك الطيف الأول، هنا أشارككم أطيافي وأحلامي وعوالمي.

تعليقات