القائمة الرئيسية

الصفحات

واشنطن.. وجريمة الإبادة الجماعية في غزة

 


عبدالعظيم الأنصاري


إن الدعم واسع الأمريكي - الغربي اللامحدود للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، نابع من الدفاع الأمريكي والغربي عن مشروعهم في المنطقة العربية، وما خلافهم الظاهر بين حين وآخر مع بعض قيادات الكيان الصهيوني إلا خلاف على تفاصيل أجندة واحدة تهدف إلى إضعاف الشعوب العربية.


سقطت كل شعارات الحضارة الغربية من حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية تحت أقدام أطفال غزة ومقاتليها، الصامدين أمام آلة الحرب الغربية التي يستخدمها الصهاينة بكل وحشية.


في هذا السياق تحدث مايكل هاجر أحد مؤسسي المنظمة الدولية لقانون التنمية في روما ومديرها العام السابق، في مقال له تحت عنوان "الإبادة الجماعية في غزة: من المتواطئ؟"، عن التواطؤ الأمريكي المباشر في جريمة الإبادة الجماعية في غزة، متهمًا الرئيس الأمريكي جو بايدن، والعديد من المسؤولين الأمريكيين والشركات الأمريكية بالتورط في هذه الجريمة، ومطالبًا بمحاكمتهم.


أشار هاجر إلى عدم ذكر الإبادة الجماعية الجارية في غزة، أو التدفق المستمر للأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل أثناء المناظرة الرئاسية بين دونالد ترامب وجو بايدن.


موضحًا أن وسائل الإعلام الرئيسة والجمهور الأمريكي يستبعدون احتمال محاكمة جو بايدن ومعاونيه في البيت الأبيض بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية، مطالبًا بالتفكير في الأمر مرة أخرى.


إذ لم تر هيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز أنه من المناسب الاستشهاد بالتواطؤ في الإبادة الجماعية أثناء مطالبة بايدن بالتنحي بعد أدائه الضعيف في المناظرة، وبدلًا من ذلك أعلنت أن بايدن كان "رئيسًا مثيرًا للإعجاب".


ولفت "هاجر" إلى عضوية الولايات المتحدة في اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي تتضمن مادتها الثالثة من بين الأفعال التي يُعاقب عليها القانون "التواطؤ في الإبادة الجماعية"، وتوضح المادة الرابعة أن الأشخاص الذين يُعاقبون بتهمة الإبادة الجماعية يجب أن يشملوا "الحكام المسؤولين، والموظفين العموميين، والأفراد العاديين".


كما تتطلب المادة الخامسة من الأطراف المتعاقدة سن تشريعات تنص على "عقوبات فعالة للأشخاص المدانين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة"، وبناء على ذلك يعكس القانون الأمريكي رقم 1091 المادة 18 تعريف اتفاقية الإبادة الجماعية، وينص على أن "أي شخص يحاول أو يتآمر لارتكاب جريمة بموجب هذا القسم يعاقب بنفس الطريقة التي يعاقب بها الشخص الذي يرتكب الجريمة".


أوضح "هاجر" أنه سواء تم توجيه اتهامات بالتواطؤ في الإبادة الجماعية ضد أفراد أمريكيين أم لا، فمن المهم تحديد هؤلاء المسؤولين وغير المسؤولين الذين يقعون ضمن فئة المتواطئين في الإبادة الجماعية، وينبغي استدعاؤهم لدورهم في مقتل ما يقرب من 40 ألف فلسطيني في غزة.


تتضمن قائمة المجرمين العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية الأمريكية، على رأسها البيت الأبيض الذي احتضن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر، ووعده بتزويده غير المحدود بالأسلحة، دون خطوط حمراء، ومع كل تهديد أمريكي بقطع جزئي للدعم عن الكيان، تثور ثائرة مسؤولي البيت الأبيض لدحض مزاعم نتنياهو بأن إدارة بايدن تؤخر المساعدات عن حليفتها، وعرض بعض هؤلاء سجلات لمئات شحنات الأسلحة إلى الكيان لدعم الحملة العسكرية على غزة، وهم بذلك قدموا بأيديهم أدلة على تورطهم وتواطؤ الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية المستمرة التي يرتكبها الكيان بأسلحة أمريكية في غزة.


كما تضم قائمة المتهمين كذلك كل من وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع الأمريكيتين، وقد سلّمت الأخيرة ما تقدر قيمته بـ 6.5 مليار دولار من القنابل والصواريخ الأمريكية الصنع التي دمرت جزءًا كبيرًا من قطاع غزة، وقتلت وجرحت عشرات الآلاف منهم.


فضلًا عن شركات الأسلحة الأمريكية الداعمة مباشرة للعدوان وعلى رأسها شركة بوينغ التي قالت منظمة العفو الدولية إنها زودت الكيان بالقنابل في خمس غارات على الأقل في غزة 2023، ما تسبب في مقتل أكثر من 100 مدني.


إضافة إلى كل من جنرال ديناميكس، ولوكهيد مارتن، وأجيليت، وبي إيه إي سيستمز، وغيرها من الشركات الأمريكية، التي تدخل بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ضمن قوائم الاتهام.


ما سبق لا يؤكد فقط "التواطؤ الأمريكي" وإنما يتجاوز ذلك إلى "الدعم الأمريكي اللامحدود" للإبادة الجماعية في غزة، وليست الإبادة جريمة مستحدثة في التاريخ الأمريكي، وإنما متعمقة في جذوره.


أخيرًا فسواء تم تحميل أي كيانات أو أفراد أمريكيين المسؤولية الجنائية عن جريمة الإبادة الجماعية أم لا، فقد عُرض الدليل الواضح على تواطؤ واشنطن بشكل واضح على شاشات التلفزة، والصحافة، ووسائل التواصل الاجتماعي ليراها العالم أجمع، وإن غدًا لنظاره قريب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نُشر في صحيفة الكرامة بتاريخ الخميس 18 يوليو 2024



author-img
لكل منا طيفه الذي ما إن يبدأ أولى خطواته في الحياة ويمر بتجاربه الخاصة يتحوّل إلى أطياف متعددة نابعة من ذلك الطيف الأول، هنا أشارككم أطيافي وأحلامي وعوالمي.

تعليقات