القائمة الرئيسية

الصفحات

دون جدوى.. الكيان الصهيوني يستعين بالجسيمات الفضائية لكشف أنفاق غزة

 

عبدالعظيم الأنصاري

تُمثل أنفاق غزة معضلة تعجز أمامها أحدث التقنيات، بداية من أساليب العصور الغابرة في تحسس الحركة تحت الأرض، وحتى التصوير بالأقمار الصناعية.

حارت القوى العظمى الداعمة للكيان الصهيوني في التوصل إلى شبكة أنفاق غزة المعقدة، ليس فقط لتعدد مداخلها وتباين أحجامها، وإنما كذلك لتعدد طوابقها واتجاهاتها وأساليب الحياة والتواصل داخلها، وبنيتها الحصينة وبُعدها السحيق الذي يصل إلى 80 مترًا تحت الأرض.

ومن بين أكثر الأساليب جدلية من حيث جدواها، أبحاث تصوير الميونات وهي الجسيمات دون الذرية أثناء تساقطها عبر الأشعة الكونية الآتية من الفضاء الخارجي إلى أعماق الأرض.

تحدثت وكالة بلومبرج في تقرير لها عن المحاولات الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من عقد مضى لتطوير تلك التقنيات بهدف الوصول إلى شبكة مترو غزة.

وبعيدًا عن غزة، في القدس، في الأنفاق التي حفرها كيان الاحتلال أسفل المسجد الأقصى، يُجري فريق علمي تابع لشركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة المحدودة، بالتعاون مع جامعة تل أبيب، العديد من التجارب والأبحاث العلمية، حول تتبع الجسيمات دون الذرية أثناء تساقطها من الفضاء الخارجي وتغلغلها في أعماق الأرض، بسرعة تقترب من سرعة الضوء في أجزاء من الثانية قبل أن تختفي، بهدف المساعدة على رسم خريطة للمناطق غير المرئية بالعين المجردة، في محاولة منهم لتجنب الحفر غير الضروري أو الوصول إلى ما يبحثون عنه من آثار هيكل سليمان.

لكن أستاذ فيزياء الجسيمات التجريبية بجامعة تل أبيب وأحد أفراد الفريق الإسرائيلي إيريز عتصيون قال لـ "بلومبرج" إنه من الواضح أن الاحتياجات الأمنية لإسرائيل دفعتنا إلى التحرك في هذا الاتجاه"، وذلك بهدف تطوير تقنيات للمساعدة في رسم خريطة لشبكة مترو حماس تحت قطاع غزة.

لا تتوقف الجسيمات دون الذرية عن قصف كوكب الأرض إذ تنشأ الميونات من تفاعل الأشعة الكونية الآتية من الفضاء مع الغلاف الجوي العلوي، وعندما تمر عبر المادة فإنها تتشتت بشكل يُمكن رصده بسبب تفاعلها مع أنوية الذرات، ما يتيح رصدها في حالة وجود تجاويف أرضية أو أنفاق أو ما شابه، ومن هنا تنبع الفكرة، وقد استُخدمت تلك التقنية بالفعل عامي 2016 و2017 في اكتشاف عدد من التجاويف داخل أهرامات الجيزة.

في حالة أنفاق غزة يصعب بشكل كبير تطبيق التصوير الميوني إذ يُشترط وضع الأجهزة الراصدة لتلك الجسيمات الفضائية في نفق أسفل المنطقة المراد فحصها لاستقبال الأشعة الكونية الآتية من الفضاء ثم تمر من خلال التربة، للكشف عن ما بها من تجاويف غير معروفة في المنطقة الواقعة بين مكان الرصد وسطح الأرض، ما يتطلب معرفة مسبقة بمناطق الأنفاق تحديدًا وهي المعلومة الغائبة عن جيش الاحتلال، ما أوضحه فيتالي كودريافتسيف الأستاذ بجامعة شيفلد في انجلترا، من أن العثور على أي نوع من الأنفاق الخفية يتطلب نفقًا آخر، لذا فإن حفر ذلك النفق يعني أنك تعتقد أنك تعرف موقع النفق الذي تريد الكشف عنه أو المنطقة التي قد يكون فيها".

حتى مع افتراض توفر بعض المعلومات عن بعض أماكن الأنفاق فإن الأمر يتطلب وقتًا وجهدًا وهدوءًا بعيدًا عن صخب القتال الدائر فوق الأرض وتحتها في غزة الآن، فضلًا عن عدم توفر معلومات كافية عن طبيعة الأنفاق وحجم الشبكة المعقدة تحت الأرض خاصة تلك الأنفاق السحيقة منها، وما تم كشفه من أنفاق منذ بداية الحرب لا يتعدى 10 % من حجم أنفاق غزة.

إضافة إلى ما سبق، فإن أجهزة رصد الميونات حساسة للحرارة والرطوبة، ويتأثر نقل البيانات بانقطاعات الإنترنت، كما تعتمد دقة الصور على كثافة التربة والعمق وطبيعة الفراغات نفسها، وقد يستغرق إنشاء صورة واضحة ومفصلة في مكان ما وقتًا طويلًا وينطبق ذلك بشكل خاص على الهياكل الكثيفة والسميكة، فضلًا عن تكلفة تلك الأجهزة التي تصل للجهاز الواحد أكثر من 100 ألف دولار.

ويوضح نير واينغولد، رئيس وحدة التخطيط والاقتصاد وتقنية المعلومات في مركز الأبحاث والتطوير التابع لوزارة الحرب الصهيونية، إن القوات البرية الإسرائيلية تستخدم منذ 7 أكتوبر مزيجًا من أجهزة الاستشعار وأجهزة رادار تخترق الأرض، وجرافات تدار عن بُعد، مع تقنيات الإغراق والكاميرات، والكلاب المدربة، والطائرات المسيرة، لتعثر عن أنفاق حماس وتُدمرها.

وأضاف واينغولد: "يعمل كل حل من الحلول جزئيًا، وعلينا أن نبني أفضل الحلول وأقواها، لكننا لم نجد بعد حلًا واحدًا شاملًا".

وهكذا تبقى أنفاق غزة سلاحًا رادعًا عصيًا على الكشف أو المواجهة على الكيان الصهيوني وكل القوى العظمى المساندة له، ولو استعانوا بجسيمات الفضاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


نُشر في صحيفة الكرامة بتاريخ 20 يونيو 2024





author-img
لكل منا طيفه الذي ما إن يبدأ أولى خطواته في الحياة ويمر بتجاربه الخاصة يتحوّل إلى أطياف متعددة نابعة من ذلك الطيف الأول، هنا أشارككم أطيافي وأحلامي وعوالمي.

تعليقات