القائمة الرئيسية

الصفحات

الولاء الصهيوني معيار الوطنية الأمريكية.. عديل مانجي نموذجًا

 


عبدالعظيم الأنصاري


قدّم عديل مانجي، المرشح القضائي للرئيس الأمريكي جو بايدن، اعتذارًا لمجلس الشيوخ

الأمريكي لعدم الكشف عن دوره في فعالية مع نشطاء مناهضين للكيان الصهيوني.

كان بايدن اختار المحامي المسلم ذي الأصول الباكستانية، من ولاية نيوجيرسي كقاضي

لمحكمة الاستئناف بالدائرة الثالثة، ليُسجل الرئيس الأمريكي، إنجازا جديدًا يُحسب له بتعيين

أول مسلم في محكمة استئناف فيدرالية، لعله يُرضي جزءًا من الأقلية المسلمة الغاضبة منه

بسبب أحداث غزة، قبيل الانتخابات المرتقبة نهاية العام الجاري.

جاء اعتذار "مانجي" على خلفية ما نشرته صحيفة واشنطن إكزامينر من أنه كان عضوًا

في مجلس استشاري لمركز الأمن والعرق والحقوق التابع لكلية الحقوق في روتجرز،

المركز الذي قالت عنه الصحيفة إنه استضاف حدثًا العام 2021 يضم جامع تبرعات

"إرهابي بالمعايير الأمريكية"، وأن المحامي المسلم، أدار لجنة في المؤتمر السنوي للرابطة

الوطنية للمحامين المسلمين، كما ساعدت شركته باترسون بيلكناب للمحاماة في رعاية

هذا المؤتمر، إلى جانب مجلس العلاقات الأمريكية - الإسلامية "كير"، ولم تُسقط

الصحيفة أن المدعون الفيدراليون وصفوه بأنه "متآمر غير متهم" في قضية تمويل

حركة حماس لعام 2009، ويجب الإشارة هنا إلى أن حركة المقاومة الفلسطينية

مدرجة على القائمة الأمريكية للحركات الإرهابية.

فهل مرشح بايدن القضائي المسلم، مجرد مفصل من مفاصل

الخلاف الجمهوري - الديمقراطي؟ وهل إن ثبتت معاداة المرشح للصهيونية سيقبل

اعتذاره كل من رئيس اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ ديك دوربين "الديمقراطي من إلينوي"،

وعضو اللجنة البارز السيناتور ليندسي غراهام "الجمهوري من ساوث كارولينا"؟

أجاب عن هذا السؤال الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه عندما كرر في أكثر

من مناسبة قوله: "إنه ليس عليك أن تكون يهوديًا لتكون صهيونيًا، وأنا صهيوني"،

الكلمات التي عبّرت عن حقيقة الموقف الأمريكي العميق تجاه أطول

حرب خاضها الكيان العبري في تاريخه القصير.

كما لخص "بايدن" إجمالي الموقف الأمريكي في ديسمبر الماضي، أثناء حفل

"إضاءة الشمعدان" التقليدي في البيت الأبيض، بمناسبة عيد "حانوكا" اليهودي،

عندما قال: "سنواصل مساعدة إسرائيل حتى تتخلص من حماس، لكن

علينا أن نكون حذرين، عليهم أن يكونوا حذرين لأن الرأي العام العالمي

قد يتغير، ولا يُمكننا أن نسمح بحدوث ذلك، وكما قلت بعد الهجوم فإن التزامي

بسلامة الشعب اليهودي وأمن إسرائيل وحقها بالوجود كدولة يهودية مستقلة لا

يتزعزع".

هكذا فإن كل ما كان يُهم العم بايدن، هو "ضرورة الحذر من احتمالية تغير

الرأي العام العالمي" لصالح القضية الفلسطينية، وينبع ذلك من حرصه على

سلامة الكيان، ولا شيء آخر فوق ذلك فلا حقوق إنسان، ولا حرية،

ولا قانون دولي، ولا غيره من شعارات الغرب البراقة.

يدور الكثير من الجدل حول أيهما تابع للآخر أمريكا تابعة لكيانها، أم العكس؟

أجاب عن ذلك بجلاء الدكتور عبدالوهاب المسيري صاحب موسوعة اليهود

واليهودية والصهيونية، مرارًا، موضحًا أن "إسرائيل" ما هي إلا كيان وظيفي غربي،

يقوم بوظيفة الاستعمار.

في الواقع يعي العقل الغربي العميق أن أي نهضة في الشرق الأوسط تشكل خطرًا

على الغرب، ومن هذا المنطلق فإن الصهيونية تُعد معيارًا للوطنية في العديد من الدول

الغربية مثل ألمانيا التي فرضت الاعتراف بحق الدولة الإسرائيلية في الوجود، شرطًا

للحصول على جنسيتها؛ والولايات المتحدة التي يتنافس فيها مرشحي الرئاسة على

رضا "الصهيونية".

لكن الولايات المتحدة، تمر بمرحلة انقسام حرجة، بين الجمهوريين المحافظين الذين

يتمسكون بهوية العنصر الأبيض البروتستانتي المؤسس للدولة، والديمقراطيين الذين

تجاوزوا كل القيم المحافظة، منتصرين لقيم التعدد والتنوع، ما يجذب إليهم جميع

الأقليات العرقية والدينية في البلاد، وفي هذا الإطار يبدأ نوع جديد من التناقض بين

تشجيع نشاط المسلمين، وتشجيع المثلية الجنسية، مع الحفاظ على الصهيونية،

وكوكتيل مكتمل من مجموع القيم الغربية في نسختها الأحدث، وما ترشيح

"أول قاض مسلم في محكمة استئناف فيدرالية" إلا جزء من اكتمال صورة

الحزب الديمقراطي الذي يرى ضرورة استبدال الهيكل الإداري والحكومي بالدولة

من صورة الرجال البيض الأنيقين، إلى خليط يتضمن المسلم والمسيحي واليهودي

والرجال والنساء المحجبات منهن والعاريات إن شئن، والمخنثين على

اختلافاتهم، والبيض، والسود، والملونين، لكن أمريكيًا ممنوع على كل هؤلاء

أن يهتفون بعبارة "فلسطين حرة.. من النهر إلى البحر"،

أمريكيًا تبقى "الصهيونية" فوق كل هؤلاء، ولا عزاء للمخدوعين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


نُشر في صحيفة الكرامة بتاريخ 21 مارس 2024







author-img
لكل منا طيفه الذي ما إن يبدأ أولى خطواته في الحياة ويمر بتجاربه الخاصة يتحوّل إلى أطياف متعددة نابعة من ذلك الطيف الأول، هنا أشارككم أطيافي وأحلامي وعوالمي.

تعليقات