القائمة الرئيسية

الصفحات

السابع من أكتوبر وحتمية التدمير الذاتي الإسرائيلي

 


عبدالعظيم الأنصاري

عاش الإسرائيليون في تصورات أسطورية عن تفوقهم الخارق على جميع جيرانهم، مصدقين رواياتهم الميثولوجية عن أنفسهم بأنهم "شعب الله المختار"، لكنهم صدموا وزُلزلوا يوم السابع من أكتوبر حيث تعرض كيانهم إلى هزيمة غير مسبوقة في تاريخه القصير.

يُحاول بعض العقلاء داخل الكيان الآن، البحث عن مخرج حقيقي من نفق الأزمة الاستراتيجية الكبرى

الذي دخل إليه الكيان يوم السابع من أكتوبر، ومن بين أبرز هؤلاء الكاتب الإسرائيلي اليساري ألوف بن،

رئيس تحرير صحيفة هآارتس، والذي كتب مقالًا في مجلة فورين أفيرز الأمريكية، تحت عنوان

"التدمير الذاتي لإسرائيل.. نتنياهو والفلسطينيون وثمن الإهمال"، ألقى فيه الضوء على إنكار

الإسرائيليين للكثير من الحقائق من حولهم.

مشيرًا إلى أن صدمة السابع من أكتوبر أجبرت الإسرائيليين على إدراك أن الصراع مع الفلسطينيين

يشكل أهمية مركزية لهويتهم الوطنية وتهديدًا لرفاهيتهم، ولا يُمكن التغاضي عنه أو تجاوزه أو

استمرار الاحتلال أو توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وفرض الحصار على

غزة، ورفض تقديم أي تسوية إقليمية أو حتى الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وأكد ألوف بن

أن كل هذا لن يجلب الأمن الدائم لكيانهم الغاصب.

أشار "بن" إلى حادثة مقتل الجندي الإسرائيلي روي روتبرغ أبريل 1956، وتصريحات وزير

الدفاع آنذاك موشيه ديان عن الحادث، عندما قال "دعونا لا نلقي اللوم على القتلة… منذ ثماني

سنوات وهم يجلسون في مخيمات اللاجئين في غزة، وأمام أعينهم كنا نحول الأراضي والقرى

التي سكنوا فيها هم وآبائهم إلى ملكيتنا"، في إشارة واضحة إلى نكبة وحق الفلسطينيين المغتصب،

وهو بالتأكيد غير مبالٍ بقوة المقاومة الفلسطينية حينها، وغير مبال بالحقوق الفلسطينية، فهو

نفس الشخص الذي شارك في معاناة اللاجئين الفلسطينيين، سنة 1950، حيث نظّم تهجير

المجتمع الفلسطيني المتبقي في المجدل الحدودية، التي تحولت فيما بعد إلى مدينة عسقلان

الإسرائيلية، ورغم ذلك أدرك "ديان" ما يرفض العديد من الإسرائيليين اليهود قبوله،

وهو ما جاء على لسان "ديان" أثناء تأبين الجندي "روي" عندما قال: "لن ينسى

الفلسطينيون النكبة أبدًا أو يتوقفوا عن الحلم بالعودة إلى ديارهم… دعونا لا نرتدع

عن رؤية الكراهية التي تلهب وتملًا حياة مئات الآلاف من العرب الذين يعيشون

حولنا… هذا هو خيار حياتنا أن نكون مستعدين ومسلحين، أقوياء ومصممين،

لئلا يُسقط السيف من قبضتنا وتنتهي حياتنا".

باختصار شديد لخّص موشيه ديان المأزق الإسرائيلي، الذي يؤدي حتمًا إلى التدمير الذاتي

الإسرائيلي، فلا يُمكن أن تظل دولة تعيش طوال حياتها وتاريخها كمعسكر وليس كدولة

طبيعية تعيش أوقاتًا من الحرب، وأخرى من السلام، ففي اللحظة التي ينسى فيها الصهاينة

طبيعة كيانهم الحقيقية والتي تتمثل في أنهم مجرد قاعدة عسكرية متقدمة للغرب داخل جسد

الأمة العربية والإسلامية، ويتعاملون على أنهم دولة طبيعية، في هذه اللحظة يفقدون توازنهم

أمام قوة المقاومة الذاتية لدى الشعب الفلسطيني، ومن ورائه الشعوب العربية والإسلامية،

وجميع أحرار العالم.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نُشر في صحيفة الكرامة بتاريخ 15 فبراير 2024





author-img
لكل منا طيفه الذي ما إن يبدأ أولى خطواته في الحياة ويمر بتجاربه الخاصة يتحوّل إلى أطياف متعددة نابعة من ذلك الطيف الأول، هنا أشارككم أطيافي وأحلامي وعوالمي.

تعليقات