القائمة الرئيسية

الصفحات

مخاوف أمريكية من حمى الإنتاج العسكري لدى قوى عالمية وإقليمية

 


عبدالعظيم الأنصاري


في الوقت الذي تظن فيه أمة ما أنها تسيدت على أمم العالم، أو أنها أكبر من أن يناطهحا أحد تظهر أمة أو أمم أخرى، تتحداها وتُهدد هيمنتها.. هكذا هي حركة التاريخ، وما يحدث الآن للإمبراطورية الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب سواء على الصعيد الحضاري، أو الاقتصادي، أو حتى العسكري، ربما يعكس المقولة السابقة.

إذا ما تحدثنا عن الجانب العسكري فقط، والذي من المعروف فيه تفوق الولايات المتحدة على كافة دول ربما تتضح لنا الصورة من زاوية مختلفة، فقد وصلت القيادة الأمريكية تحذيرات من كبار القادة في الجيش الأمريكي في أوروبا وآسيا من تفاقم مخاطر زيادة الإنتاج العسكري في روسيا والصين فضلا عن قوى إقليمية مثل إيران وكوريا الشمالية، بشكل يُهدد التفوق الأمريكي.

مع انخفاض الإنفاق الدفاعي الأمريكي وحاجة قاعدتها الصناعية العسكرية إلى التجديد، ما يدفع قادة الولايات المتحدة إلى دفع تعزيز الجاهزية العسكرية، وتحديث القدرات والحفاظ على الردع في مواجهة التهديدات المتزايدة من الخصوم الأقوياء في ظل عالم شديد التقلبات.



القدرات الإنتاجية العسكرية الروسية


فقدت القوات البرية الروسية في أوكرانيا ما يقدّر من 3 آلاف دبابة و9 آلاف مركبة مدرعة، و13 ألف نظام مدفعية، وأكثر من 400 نظام دفاع جوي العام الماضي، لكنها في طريقها لاستبدالها جميعًا.

وفي مقال لها في منصة 1945 الأمريكية، كتبت ماكنز إيغلن، الخبيرة العسكرية في معهد أميركان إنتربرايز، أوضحت أن روسيا لا تُعيد تشكيل قواتها العاملة وزيادتها فحسب، بل تُصنّع أيضًا مركبات قتالية وذخائر بوتيرة غير مسبوقة، وفقًا لشهادة قائد القيادة الأوروبية للجيش الأمريكي، الجنرال كريستوفر كافولي أمام الكونغرس.

نقلت ماكنز عن الجنرال كريستوفر شرحه للتوسع المنهجي للإنتاج الصناعي العسكري في روسيا على مستوى البلاد عبر افتتاح منشآت تصنيع جديدة وتحويل خطوط الإنتاج التجارية للأغراض العسكرية، والنتيجة هي قاعدة صناعية دفاعية روسية منعشة يُتوقع أن تنتج ألف و500 دبابة، و3 آلاف مركبة مدرعة، و200 صاروخ إسكندر باليستي هذا العام، بالمقارنة تُصنع الولايات المتحدة 135 دبابة فقط سنويًا، ولم تعد تُصنع مركبات برادلي القتالية الجديدة.

كما وسّعت روسيا من إنتاجها من الذخائر بشكل كبير، تُقدّر القيادة الأمريكية - الأوروبية أن روسيا قادرة على إنتاج 250 ألف قذيفة مدفعية شهريًا، ما يضعها على الطريق الصحيح لبناء مخزون أكبر بثلاث مرات من مخزون الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعتين.

من أجل ذلك، وضع الكرملين سياسات اقتصادية لإعادة هيكلة مؤسساته المالية وصناعاته الدفاعية، ففي خريف العام الماضي، أعلنت روسيا عن زيادة في الإنفاق الدفاعي بنسبة 25% ما يمثل أكثر من 6% من ناتجها المحلي الإجمالي، وحسب بعض التقديرات يعني هذا أن روسيا تنفق على جيشها أكثر مما تنفقه أوروبا مجتمعة.



القدرات الإنتاجية العسكرية الصينية


إذا كانت القدرات الروسية مقلقة للجيش الأمريكية، فإن القدرات الصينية قد تكون مرعبة، ففي حين تجنبت بكين حتى الآن التورط في حرب ساخنة مثل موسكو، فإن الصناعة الصينية مستعدة لدعم الحرب إذا لزم الأمر.

تشير تقديرات الاستخبارات أن الصين تمتلك الآن قدرة بناء سفن تفوق قدرة الولايات المتحدة بمائتي ضعف، إذ تستطيع الصين الآن بناء سفن حربية في شهر واحد أكثر مما تستطيع الولايات المتحدة بناءه في عام.

إن الصناعة البحرية الصينية القوية ذات الاستخدام المزدوج مهيأة لبناء وإصلاح السفن بوتيرة حربية، بينما تشهد الصناعة الأمريكية تراجعًا، في صراع طويل الأمد ستتمتع الصين بميزة واضحة في بناء وإصلاح وصيانة السفن الحربية.

يُعد بناء السفن أحد المجالات التي بدأت فيها الصين تتفوق على الولايات المتحدة في مجال الأمن القومي، لا تمتلك الصين الآن أكبر قوة بحرية في العالم فحسب، بل تمتلك أيضًا أكبر جيش وقوة جوية وقوة صاروخية استراتيجية في العالم، وقد ضمنت استراتيجية بكين للاندماج العسكري المدني أن تكون الصناعات الصينية متاحة للاستخدام المزدوج المدني والعسكري عند الحاجة.

حققت بكين ذلك عبر تزويد ميزانية الدفاع عامًا بعد عام، فعلى مدار الـ 28 عامًا الماضية، شهدت ميزانية الدفاع الصينية زيادة ثابتة في المتوسط بنحو 9% سنويًا، ويُظهر التحليل المتعمق أن الإنفاق العسكري الحقيقي للصين أعلى بكثير مما تُعلن عنه، وتشير تقديرات معهد أميركان إنتربرايز إلى أنه وصل إلى 711 مليار دولار على الأقل عام 2022، أي ما يعادل 96% من ميزانية البنتاغون في ذلك العام.


القوى الإقليمية


لقد زادت إيران من إنتاج الطائرات بدون طيار والصواريخ بشكل كبير، إذ زودت روسيا بآلاف الأنظمة، بينما عززت قدراتها الخاصة لبسط نفوذها الإقليمية، كما تُعد كوريا الشمالية الآن موردًا أساسيًا للمدفعية لموسكو، إذ تعتمد على مخزونات ضخمة ومصانع مجددة مجهزة منذ فترة طويلة للحرب، تُسرع هذه الشراكات التوسع العسكري الصناعي لكل نظام، مشكلة محور إنتاج أسلحة مرنًا يُهدد بتجاوز ترسانات الولايات المتحدة وحلفائها.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نُشر في صحيفة الكرامة بتاريخ: 17 أبريل 2025







author-img
لكل منا طيفه الذي ما إن يبدأ أولى خطواته في الحياة ويمر بتجاربه الخاصة يتحوّل إلى أطياف متعددة نابعة من ذلك الطيف الأول، هنا أشارككم أطيافي وأحلامي وعوالمي.

تعليقات