عبدالعظيم الأنصاري
اقتربت الساعة الحاسمة في مسار الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، بعد أن وصلت الخلافات داخله إلى حالة غير مسبوقة من الانقسام التي ربما تؤدي إلى تشظي الحكومة الإسرائيلية من داخلها، ولإنقاذ نفسه أعلن بنيامين نتنياهو استئناف الحرب مجددًا.
الاقتصاد الإسرائيلي وصل إلى حالة غير مسبوقة من الخَور بسبب الحرب الأطول في تاريخ الكيان منذ قيامه، والتي اضطرته وفقًا لتقرير سابق لوكالة بلومبيرغ إلى اقتراض 250 مليار شيكل حتى نهاية العام الجاري، بدأ بالفعل في اقتراضها من الأسواق المحلية والدولية بإجمالي يزيد قليلًا عن 200 مليار شيكل حتى أغسطس الماضي عندما اقتربت الحرب من إتمام عامها الأول، كما قدّرت وزارة المالية الإسرائيلية تكاليف الديون الإضافية بأكثر من 7 مليارات شيكل العام الجاري، و10 مليارات العام 2026، كجزء من تبعات الحرب التي لم تضع أوزارها تمامًا حتى بعد سيران اتفاق وقف إطلاق النار، خصوصًا في ظل انتهاء المرحلة الأولى منها وضبابية المرحلتين التاليتين المرتقبتين.
في هذا السياق وضع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، أمله على وزير ماليته المتطرف بتسلئيل سمورتريتش، الذي وضع خطة تبدو قاسية بالنسبة لبعض شركاء الائتلاف الحكومي، خاصة مع تضمنها على مقترحات بتخفيض المخصصات المالية والميزات الضريبية التي يحصل عليها المستوطنين الحريديم.
في 1 نوفمبر 2024، وافقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع الموازنة لعام 2025، والذي تضمن زيادات ضريبية وخفضًا في الإنفاق.
إجمالي الإنفاق وفقًا للموازنة المقترحة 744 مليار شيكل (199 مليار دولار تقريبًا)، منها 161 مليار شيكل مخصصة لخدمة الدين، و102 مليار شيكل مخصصة للجيش، مع توقع زيادات إضافية بناءً على متطلبات الحرب.
في 17 ديسمبر 2024، صوّت الكنيست الإسرائيلي بالموافقة على الموازنة في قراءتها الأولى بأغلبية 59 صوتًا مقابل 57، ما أبرز عمق الخلاف داخل الائتلاف الحاكم.
هدد حزب أغودات يسرائيل أحد ذراعي تحالف يهدوت هتوراه الحريدي، إلى جانب حزب ديغيل هتوراه، بالامتناع عن التصويت على الموازنة إذا لم يتم إقرار قانون التجنيد بالصيغة التي يريدها، لضمان عدم تجنيد الحريديم في الجيش، ودعم زيادة مخصصاتهم المالية، كما اشترط حزب شاس الأرثوذكسي، دعم زيادة المخصصات المالية للحريديم لتمرير الموازنة.
بينما يحاول بتسلئيل سموتريتش تمرير الموازنة مع إرضاء الشركاء الحريديم، عبر وعدهم بزيادة مخصصاتهم المالية، لكنه لم يستطع حتى الآن تحديد مقدار تلك الزيادة في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة.
في الوقت الذي لا يعني نتنياهو فيه سوى تمرير الموازنة بأي ثمن مع تهدئة المعترضين عليها، من أجل الحفاظ على حكومته التي يجب عليها تمرير الموازنة بالقرائتين الثانية والثالثة عبر الكنيست، قبل يوم 31 مارس الجاري، وإلا ستُحل الحكومة تلقائيًا وتُجرى انتخابات برلمانية جديدة خلال 90 يومًا، وفقًا لقانون أساس الكنيست الإسرائيلي، ما دفعه للهروب إلى الأمام.
ولأن نتنياهو سيفعل المستحيل من أجل تمرير الموازنة بغض النظر عن أية عثرات أو تنازلات للحفاظ على ائتلافه الحاكم، فإنه إن نجح في ذلك بالفعل فسيؤدي ذلك إلى خلل اقتصادي كبير، ربما تظهر تداعياته بعد عدة سنوات كصدع كبير مُعرض للاتساع في جدار الاقتصاد الإسرائيلي، إلا إذا انهمرت عليه مساعدات مالية ضخمة وعاجلة، وهو ما لن يحدث بالشكل المطلوب نظرًا لاستمرار حالة التأهب في ظل عدم التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف الحرب بشكل كامل، ما يُعرّض أرقام الموازنة إلى المزيد من الهبوط وبالتالي المزيد من الضرائب، والقليل من المخصصات المالية للحريديم، ولكي يهرب من حتفه المحتوم أعلن استئناف القتال.
بناء على ما سبق فإن 31 مارس، إذا لم يكن هو ميعاد انهيار حكومة نتنياهو، فسيكون ميعاد بداية الانهيار الإسرائيلي الأكبر في بضع سنين، فما كان هروب نتنياهو من حتفه إلا إلى حتفه.
تعليقات
إرسال تعليق