القائمة الرئيسية

الصفحات

أيباك.. آفة السياسة الأمريكية وخطاب "كامالا هاريس" الباهت

 



عبدالعظيم الأنصاري


تُعد لجنة الشؤون العامة الأمريكية - الإسرائيلية (أيباك)، بمثابة الذراع الدعائي والمالي للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، الذراع الذي يُمارس الضغط ويوجه المساهمات في الحملات الانتخابية بهدف ضمان عدم تجرؤ رؤساء الولايات المتحدة على معارضة إسرائيل، مهما كان سلوكها مشينًا، والتفكير مرتين قبل إطلاق كلمة انتقاد واحدة خشية مواجهة الانتقام أو الإقصاء.

تعمل اللجنة بكفاءة عالية منذ السابع من أكتوبر الماضي، فرغم وصول أمواج طوفان الأقصى إلى كافة أرجاء الجامعات الأمريكية، في جميع أنحاء العالم، وساحات وميادين نيويورك وواشنطن، فإن السياسة الأمريكية مازالت متمسكة بالصهيونية كرهان لا استغناء عنه، ومازال مرشحيّ الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، وكامالا هاريس، على اختلافهما يتنافسان على إرضاء أيباك، ومن ورائها إسرائيل، حتى أن المرشحة الديمقراطية التي وضع الكثيرون عليها أمل تغيير سياسة الرئيس جو بايدن، تجاه إسرائيل خاصة في مسألة الدعم العسكري المتواصل، في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة، صرّحت بأنها أبعد ما تكون عن قطع الإمدادات العسكرية عن إسرائيل.

في مقال له نُشر في مجلة بروسبكت الأمريكية، وصف الكاتب الأمريكي روبرت كاتنر، أيباك بأنها آفة السياسة الديمقراطية والخارجية الأمريكية، لأكثر من 70 عامًا مارست دورًا خبيثًا في السياسة الأمريكية.

وأشار كاتنر إلى تصاعد خطورة تكتيكات عمل اللجنة الأمريكية - الإسرائيلية على الحزب الديمقراطي، وقدرة الرؤساء الديمقراطيين على تبني سياسة فعّالة في الشرق الأوسط.

كما اتهم "أيباك" باستهداف التقدميين الديمقراطيين الحاليين وغيرهم من المرشحين الديمقراطيين لمجلس النواب الذين لا يلتزمون بخط اللجنة بنسبة 100%.

وأوضح أنها تُجنّد المرشحين، وتمولهم بسخاء، وتُنفق على الإعلانات، التي لا تذكر إسرائيل بشكل مباشر، لترفع مرشحين إلى مقاعد البرلمان، وأخرى، لتُفشل غيرهم، إذ أنفقت اللجنة 14.6 مليون دولار لإسقاط التقدمي جمال بومان في نيويورك، كما كانت وراء هزيمة كوري بوش في الدائرة الأولى في ميسوري.

كما تمكنت اللجنة من العثور على مرشح غامض لمقعد الديمقراطيين الآمن في مجلس النواب عن ولاية أوريجون والذي أصبح شاغرًا بتقاعد التقدمي إيرل بلوميناور، وسمحت حملة الإنفاق في اللحظة الأخيرة لماكسين دكستر غي المعروفة بهزيمة سوشيلا جايابال، مفوضة مقاطعة مولتنوماه (بورتلاند) الشعبية التي كانت متقدمة بفارق كبير في استطلاعات الرأي.

كان المؤتمر الوطني الديمقراطي هذا العام بمثابة مهرجان حب لكامالا هاريس، بسبب الارتياح الهائل الذي أعقب قرار بايدن بالتنحي وتحسن احتمالات هزيمة ترامب. ولكن، دون المخاطرة، قام زعيم الحزب الأعلى بفحص كل خطاب وحذر المتحدثين من الابتعاد عن جهاز التلقين.

بعد أكثر من أسبوع من المفاوضات والتدقيق، اعترض زعماء الحزب على فكرة إلقاء مسلم أمريكي خطاباً، على الرغم من مسودات الخطب التي كانت داعمة بالكامل لهاريس. 

كان الخطاب القصير المقترح الذي لم يُسمح لروا رمان، أول أميركية فلسطينية تُنتخب لعضوية الهيئة التشريعية للولاية في جورجيا، بإلقائه يتحدث عن الألم الناجم عن مشاهدة المذبحة في غزة، لكنه انتهى على هذه الملاحظة: دعونا نلتزم ببعضنا البعض، وننتخب نائبة الرئيس هاريس ونهزم دونالد ترامب الذي يستخدم هويتي كفلسطينية كإهانة، دعونا نناضل من أجل السياسات التي طال انتظارها - من استعادة الوصول إلى عمليات الإجهاض إلى ضمان أجر معيشي، إلى المطالبة بإنهاء الحرب المتهورة ووقف إطلاق النار في غزة.

يُفرّغ كل خطاب من مضمونه، ويبقى الخطاب الأمريكي الرسمي "التقدمي"، إزاء فلسطين، باهتًا سطحيًا يتحدث في الفراغ، عن قيم خيالية لا تجرؤ على المساس بأرض الواقع سواء كانت في أرض الحلم الأمريكي أو هناك على أرض غزة.


______________________________________________________




author-img
لكل منا طيفه الذي ما إن يبدأ أولى خطواته في الحياة ويمر بتجاربه الخاصة يتحوّل إلى أطياف متعددة نابعة من ذلك الطيف الأول، هنا أشارككم أطيافي وأحلامي وعوالمي.

تعليقات