عبدالعظيم الأنصاري
وسط حالة من انعدام الشفافية في إمبراطورية القيم الديمقراطية، الولايات المتحدة الأمريكية، وافق وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الجمعة الماضي، على صفقة بيع أسلحة طارئة للكيان الصهيوني، للمرة الثانية في شهر واحد، بقيمة 147.5 مليون دولار، دون انتظار موافقة الكونغرس، وبغض النظر عن أي اعتراضات أو مطالب من بعض البرلمانيين الأمريكيين بتفسير علني لما يحدث من قبل وزير الخارجية، فقد مُررت الصفقة دون استئذان، فالحرب في المنطقة العربية لم تُمثل مجرد تهديد للكيان الصهيوني، وإنما هي تهديد مباشر للأمن القومي الأمريكي نفسه.
بدأ الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني منذ الساعات الأولى من هجوم السابع من أكتوبر، عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا بلا شروط، وبغض الطرف عن أية جرائم للجيش الإسرائيلي في حق المدنيين، ومن بين مساعي الدعم بعد أسبوعين فقط من بدء الحرب، كان طلب الرئيس الأمريكي الصهيوني جو بايدن، من الكونغرس الموافقة على فتح مستودعات الأسلحة الأمريكية الموجودة بالفعل داخل الأراضي المحتلة 1948.
كانت تلك المستودعات محاطة بالسرية لفترة طويلة، والتي تُعد جزءًا من مخزون واسع النطاق لم يكن معروفًا من قبل، أُنشئ لأول مرة في الثمانينيات لتزويد القوات الأمريكية بسرعة في حالة نشوب أي صراعات مستقبلية في المنطقة، وربما استخدمته واشنطن بالفعل في حربها ضد العراق، ومع مرور الوقت سُمح لإسرائيل في بعض الحالات بالاستفادة من ذلك المخزون.
ومع العلم بأن الجيش الإسرائيلي قصف آخر ما يمتلك من ذخيرة على قطاع غزة بالفعل قبل إتمام الحرب شهرها الثاني، فإن جُل الذخيرة الموجهة ضد الشعب الفلسطيني الآن، ذخيرة أمريكية خالصة سواء كانت عبر الجسر الجوي الأمريكي، أو المستودعات الأمريكية القابعة في الأراضي المحتلة، والتي تحولت بالكامل لخدمة المجهود الحربي الصهيوني.
في تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، تحدث عدد من المسؤولين الأمريكيين السابقين والحاليين حول ما أثاره مشرعون من مخاوف بشأن مقترحات البيت الأبيض لتخفيف القواعد المتعلقة بأنواع الأسلحة المخزنة في المستودعات، والتنازل عن حدود الإنفاق على تجديدها، ومنح البنتاغون مرونة أكبر في التعامل معها.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في البنتاغون قوله: "رسميًا هذه معدات أمريكية للاستخدام الأمريكي، ولكن في حالة الطوارئ، من يستطيع أن يقول إننا لن نعطيهم مفاتيح المستودعات؟".
لم يُكشف علنًا عن محتويات المستودعات المعروفة باسم "مخزون احتياطي الحرب لحلفاء إسرائيل (WRSA-I)، وقال مسؤولون سابقون إن البنتاغون يزود الكونغرس بتلك المعلومات، وربما يتم ذلك سريًا.
لكن من بين أسرار تلك المستودعات ما قاله قائد عسكري أمريكي سابق، وفقًا للصحيفة، بأن المخزون الحالي مليء بــ"الذخائر الغبية" - تلك التي لا تحتوي على أنظمة توجيه متطورة - بما في ذلك آلاف القنابل الحديدية، التي يتم إسقاطها ببساطة من الطائرات الإسرائيلية على المدنيين، لتُذيب الشجر والحجر والبشر.
النقطة المثيرة هنا، أن تلك المستودعات الهائلة من الذخيرة والسلاح، يُمكن للولايات المتحدة وكيانها الإسرائيلي، استخدامها ضد أي من دول المنطقة، سواء كانت من الدول العربية التي يرى فيها الكيان الصهيوني عدوًا نائمًا يُمكن أن يستيقظ في أية لحظة، أو إيران أو غيرها.
__________________________________
نُشر في صحيفة الكرامة بتاريخ 04 يناير 2024
تعليقات
إرسال تعليق