عبدالعظيم الأنصاري
لعبت الأساطير والخرافات دورًا كبيرًا في حركة التاريخ البشري، لكن ما قد يبدو صادمًا للبعض أن تأخذ القوى العظمى في عصرنا الحالي على عاتقها نشر الأساطير والخرافات لتحقيق مصلحة ما من وراء ذلك أيًا كانت تلك المصلحة.
إن الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى الوحيدة في العالم لبضعة عقود، كانت ومازالت تعتمد في الكثير من جوانب قوتها على نشر الأكاذيب والأساطير والخرافات، ومن بين تلك الخرافات ما جاء في تقرير للكاتب في جامعة جورجيا الأمريكية كارينغتون ووكر، عن الجهود الكبيرة التي بذلها الجيش الأمريكي لسنوات في سبيل نشر قصص زائفة عن الأجسام الطائرة المجهولة، بما في ذلك صور ملفقة، لإخفاء برامج أسلحة سرية.
وفقًا لما ذكره ووكر في تقريره بصحيفة ذا ميرور الأمريكية، فقد أنشأ الجيش الأمريكي فرقة وهمية لصيد الكائنات الفضائية، تُعرف باسم "يانكي بلو".
من ناحية أخرى، زوّد الجيش الجمهور بمعلومات مضللة على سبيل المثال في ثمانينيات القرن الماضي قدم عقيد في القوات الجوية لصاحب حانة بالقرب من قاعدة المنطقة 51 السرية للغاية سيئة السمعة في نيفادا صورًا مزيفة لأطباق طائرة.
العام 2023 اعترف القائد العسكري لمحققي البنتاغون بأنه فعل ذلك بتوجيهات رسمية لصرف الانتباه عن مقاتلة الشبح إف-117 نايت هوك، التي كانت سرية آنذاك.
كما أصدر مكتب The All-domain Anomaly Resolution Office AARO تقريرًا بعد تكليفه بفحص عقود من السجلات العسكرية وادعاءات الأجسام الطائرة المجهولة، وقد وجد المحققون أن العديد من مشادات الأجسام الطائرة المجهولة المزعومة كانت في الواقع مشاهدات لطائرات بدون طيار أو صواريخ أو طيور، أو في حالات نادرة أنظمة فضائية أو صواريخ أو أجسام جوية تجريبية تم تحديدها بشكل خاطئ أثناء التشغيل.
صرح شون كيركباتريك، المدير السابق لمكتب AARO، قائلاً: "تكشف هذه الحوادث كيف يمكن للسرية والمعلومات المضللة، حتى مع حسن النية، أن تتحول إلى خرافة".
أبلغ كيركباتريك صحيفة وول ستريت جورنال أن العديد من نظريات المؤامرة المنتشرة يمكن إرجاعها إلى محاولات الجيش الأمريكي إخفاء نقاط ضعفه أو قدراته عن الأعداء.
اكتشفت مكتب AARO أنه في حين أن النطاق الكامل لبرامج التضليل لا يزال سريًا، إلا أن عددًا كبيرًا من مشاهدات الكائنات الفضائية المزعومة يمكن ربطها بالحكومة الأمريكية نفسها.
ويكشف التقرير أيضًا أن العديد من مشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة البارزة قد فُبركت عمدًا لتضليل العالم بشأن الأسلحة المتطورة الموجودة في ترسانة الجيش.
وشمل ذلك اختلاق صور وقصص زائفة داخل المجتمعات المحلية القريبة من مواقع الاختبار مثل المنطقة 51. ويستشهد التقرير أيضًا بحالات استخدم فيها البنتاغون هذه الأساطير "كتمويه"، حيث استُخدم التضليل لإخفاء اختبار معدات متطورة مثل طائرات الشبح.
وخلصت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن التحقيق لم يعثر على أي دليل على وجود حياة فضائية، أو مركبات فضائية، أو محاولات للتستر على مثل هذه الاكتشافات. ومع ذلك، أشارت إلى أن التقرير "أغفل حقائق رئيسية... لحماية الأسرار السرية وتجنب الإحراج".
تعهد البنتاغون بإصدار تقرير متابعة في وقت لاحق من هذا العام يتضمن مزيدًا من التفاصيل حول برامج التضليل، إذ لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الأوامر قد صدرت من مصدر مركزي أم من ضباط محليين.
وأضاف كيركباتريك أنه لم تُنشر جميع نتائج المراجعة، لكنه أكد أنه سيتم تقديم المزيد من التفاصيل في تقرير قادم.
ما سبق يوضح مدى استخفاف القوى العظمى الأمريكية ليس فقط بعقول البشر من حول العالم، وإنما حتى بعقول شعبها، وهنا تسقط ادعاءات التقدم والحضارة والرقي، تحت أقدام الكائنات الفضائية المزيفة حامية برامج الأسلحة السرية الأمريكية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر في صحيفة الكرامة بتاريخ 12 يونيو 2025
تعليقات
إرسال تعليق