القائمة الرئيسية

الصفحات

الخارجية الأمريكية تتستر على جرائم الكيان الصهيوني

 


عبدالعظيم الأنصاري ربما إذا أردنا التعبير بكلمة عن المعايير الحضارية والأخلاقية الأمريكية لن نجد أفضل من كلمة "اللامعيارية" فعندما تكون على خصومة مع "الغرب" فأنت تحت المجهر وتحت المقصلة، أما إذا كنت حليفًا فيكفيك لفت نظر إذا كانت جريمتك فجّة بازغة، وإن كنت حليفًا وفيًا أو جزءًا من المنظومة الغربية نفسها فيُمكن حين إذ التغافل أو الحذف أو حتى التستر والدعم؛ المُحدد الأول للإدانات ليس درجة الانتهاكات وإنما التحالفات.


في هذا الإطار أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا مجموعة من التقارير السنوية المعتادة حول سجلات حقوق الإنسان في ما يقرب من 200 دولة، لكنها أغفلت عبارات تتعلق بالانتهاكات المستمرة في العديد من الدول والتي كانت موجودة في التقارير السابقة. كان هذا الحذف مؤشرًا آخر على تراجع إدارة ترامب الحاد عن انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان، وكان من المتوقع دور التقرير الجماعي قبل أشهر، ولكن تم تأجيله لأن مسؤولي وزارة الخارجية عملوا بأوامر من مسؤولين سياسيين في الوزارة على تقليص الصياغة في التقرير. تقرير هذا العام الذي يغطي الإجراءات المتخذة العام 2024، أقصر بكثير وأقل تفصيلًا من تقرير العام الماضي، تم تقليص أو استبعاد بعض العبارات الرئيسية في الأقسام المتعلقة بعدد من الدول أبرزها من السلفادور والمجر والسعودية والإمارات وإسرائيل التي تعتبرها إدارة ترامب شركاء مقربين.


كما اعتبرت إدارة بايدن إسرائيل شريكًا وثيقًا، بما يتماشى مع عقود من السياسة الأمريكية، لكن تقرير العام الماضي حول سجل إسرائيل لعام 2023 تضمن سطورًا أكثر بكثير في الملخص التنفيذي حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها أثناء الضربات العسكرية التي أعقبت هجمات حماس في أكتوبر من ذلك العام. وقد ذكر إدوارد وونغ في تقرير له نُشر في صحيفة نيويورك تايمز أن تقرير العام الماضي في القسم المخصص لإسرائيل ذكر في الملخص التنفيذي أن حرب إسرائيل على غزة أسفرت عن عشرات الآلآف من القتلى وعدد أكبر بكثير من الجرحى، وأن الحرب "شرّدت الغالبية العظمى من الفلسطينيين في غزة، وأدت إلى أزمة إنسانية حادة"، في حين لم يذكر التقرير الجديد أيًا من ذلك في ملخصه، ما يدعونا إلى التأمل في الحقيقة وراء شعارات الحضارة الغربية البراقة. تلك كانت لفتة بسيطة وما وراء السطور المحذوفة من التقارير الحقوقية، مليارات الدولارات من الدعم الاقتصادي، والعسكري، والدبلوماسي، والسياسي، والإعلامي، وما خفي أعظم.


_______________________________

نُشر في صحيفة الكرامة الخميس 14 أغسطس 2025





أنت الان في اول موضوع
author-img
لكل منا طيفه الذي ما إن يبدأ أولى خطواته في الحياة ويمر بتجاربه الخاصة يتحوّل إلى أطياف متعددة نابعة من ذلك الطيف الأول، هنا أشارككم أطيافي وأحلامي وعوالمي.

تعليقات