القائمة الرئيسية

الصفحات

 


عبدالعظيم الأنصاري

لا سلام بدون غزة، حتى لو وقع بنيامين نتنياهو ألف اتفاق وقف إطلاق نار، وألف اتفاق تطبيع، وألف هدنة، فسيَضطرُ رئيس الوزراء الإسرائيلي - الساقط لا محالة - إلى أن يجثو على ركبتيه أمام مقاتلي القسام ويتفق معهم على اتفاق لوقف إطلاق النار، وصفقة لتبادل الأسرى، ذلك الاتفاق والعرض الذي عرضه القائد الشهيد يحيى السنوار قبل استشهاده، وطوال عام من القتال المستمر.

فهل حقق بايدن السلام لإسرائيل، بعقد اتفاق لوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية، دون غزة ؟ تُجيب على هذا السؤال عشرات الخروقات العسكرية الإسرائيلية واللبنانية للاتفاق الذي لم يجف حبره بعد، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بغطاء عسكري وسياسي ومالي أمريكي غير مسبوق.

أكد تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، تحت عنوان "وقف إطلاق النار في لبنان وحده لن يجلب السلام الإقليمي.. يجب إنهاء حرب غزة"، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، كان بإمكانه تحقيق وقف إطلاق النار في غزة قبل أشهر، لو كان مارس ضغوطًا حقيقية على بنيامين نتنياهو، ففي 26 نوفمبر الماضي، أوضح نتنياهو أهمية تدفق الأسلحة الأمريكية دون انقطاع إلى إسرائيل، قائلًا إن الهدنة مع حزب الله لمدة 60 يومًا والتي يُفترض بها أن تُمهد إلى اتفاق أوسع نطاقًا، ستمنح القوات الإسرائيلية استراحة وتوفر الوقت لتجديد إمدادات الأسلحة من واشنطن.

ومع دخول وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ في 27 نوفمبر، سرّب مسؤولون أمريكيون أنهم يمضون قدمًا لتقديم حزمة أسلحة جديدة بقيمة 680 مليون دولار لإسرائيل، والتي تشمل آلاف مجموعات الذخائر الهجومية المباشرة المشتركة (Jdam) ومئات القنابل ذات القطر الصغير.

وذخائر (Jdam) الهجومية من صنع شركة بوينج هي مجموعات توجيهية يتم ربطها بـ قنابل غبية كبيرة، أي قنابل غير دقيقة التوجيه، ذات قدرات تدميرية كبيرة، يصل وزنها إلى ألفي رطل، وتحويلها إلى أسلحة موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي GPS، تتسبب في خسائر فادحة عند سقوطها على المراكز السكانية.

وتُعد صفقة الأسلحة الأخيرة تلك، بمثابة هدية وداع من إدارة بايدن لنتنياهو، ما يسمح لإسرائيل بمواصلة هجومها على غزة، بينما يتذمر بايدن من فشله في تأمين وقف إطلاق النار، في موقف يُشبه إلى حد كبير موقف المومس التي تتشدق بالشرف أمام الجماهير التي تُمارس معها الرذيلة.

إن اتفاق وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية الذي انتهكته إسرائيل أكثر من 50 مرة في أول أسبوع له، هش للغاية، خاصة في ظل تمتع نتنياهو بغطاء أمريكي يوفر له حرية الحركة وإعلان الحروب متى شاء، وأينما شاء.

مازالت الحركات المسلحة في العراق وسوريا واليمن توجه ضرباتها المتنوعة لإسرائيل، في الوقت الذي يتعرض فيه اتفاق الهدنة في لبنان للانهيار كل يوم مع كل خرق إسرائيلي جديد، مع تحركات شعبية عربية وإسلامية ربما تذهب بعيدًا نحو الإطاحة بأنظمتها الحاكمة، وتُهدد النظام الإقليمي والعالمي، في ظل حالة الغضب المكبوت، بخلاف حالة العزلة التي تتعرض لها إسرائيل عالميًا، وتحولها إلى كيان منبوذ، مع استمرار الحراك الشعبي العالمي ضدها، وما تتكبده من خسائر كبيرة ومستمرة، اقتصادية، وعسكرية بشرية ومادية.

فضلًا عن أن حركة حماس هي الطرف الوحيد حتى الآن الذي يمتلك تصورًا واضحًا لليوم التالي بعد وقف إطلاق النار، حيث سيعود كلٌ إلى موقعه في حكومة غزة، بعيدًا عن تصورات العدو الخيالية حول إدارة القطاع عن طريق شركات أمنية متعددة الجنسيات أو قوات أجنبية أو عربية.

الحقيقة أن غزة تُلخص الشرق الأوسط، فحولها تدور الأحداث، بمجرد تحركها تحركت الدنيا، بداية من نبضات قلوب العرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم، وليس نهاية بحاملات الطائرات العملاقة والبوارج الأمريكية في أعالي البحار، ولن يهدأ العالم إلا بعد وقف إطلاق النار في غزة، مفتاح السلام في الشرق الأوسط.

____________________________________________________

نُشر في صحيفة الكرامة الخميس 05 ديسمبر 2024





author-img
لكل منا طيفه الذي ما إن يبدأ أولى خطواته في الحياة ويمر بتجاربه الخاصة يتحوّل إلى أطياف متعددة نابعة من ذلك الطيف الأول، هنا أشارككم أطيافي وأحلامي وعوالمي.

تعليقات